اصبحت القراءة في وجود الهواتف الذكية من أصعب العادات التي يمكن تعليمها لأطفالك لكثرة الملهيات، لذلك يصبح ترغيب الطفل في القراءة من أكثر المهام الشاقة لك ولطفلك. فهل طفلك من النوع الذي لا يقرأ أبدا أو لا يقرأ كثيرا؟ هل هو سريع الملل من القراءة ويقوم برمي الكتب فور تصفحها؟
فأن اختيار كتب الأطفال في عصر الإنترنت الذي يتيح البرامج الممتعة والمثيرة للانتباه والمسلية طوال الوقت ليس أمرا هينا، وإيجاد كتاب ممتع يشغل الطفل عن المحمول أو الكمبيوتر اللوحي مهمة صعبة للغاية، والسؤال الذي يتبادر لعقول الأهالي عند إثارة هذا الموضوع ما هو الكتاب الصحيح الطفلي؟ وعلى أي أساس سأختاره؟ ونحن ندرك صعوبة هذا الأمر، لذلك كثرت الخيارات التي تقدمها دور النشر وتنوع ما تقدم، وإن كان اكثرها يميل للصبغة التجارية، لذا لا يقدم غالبها المادة المفيدة التي تحتاجينها لطفلك، أو تقدم مادة ترفيهية أكثر من اللازم أو بعض المفاهيم الخاطئة والمشوهة، إضافة للكتب المترجمة التي لا يناسب كثير منها هويتك الثقافية، والتي تنقل ثقافه اجنبيه بعيده كل البعد عن تعاليم ديننا الحنيف ، أو الكتب التعليمية التي لا ترغبين بها طوال الوقت، لأنك تبحثين عن كتب توسع مداركهم وتسليهم في نفس الوقت خارج مفهوم الدراسة، وفي ظل كل هذه المتضادات، يصعب اختيار كتب الأطفال الملائمة والمفيدة، والتي يمكنها أن تنمي ثقافة ووعي الطفل وترغبه في القراءة.
عند الاختيار يجب :
اولا: ان تتمهل في الاختيار فان قصص الأخلاق لوحدها لا تكفي بل يجب إضافة كتب العلوم والرياضيات.
ثانيا : ضرورية ان يحتوي الكتاب علي استراتيجية دائمة مفيدة تضيف لطفلك قيمة علمية وأدبية وتربوية، وتفتح عقله وفكره لمزيد من الأفكار والإبداعات
ثالثا: من المهم في مسألة اختيار كتب الأطفال هو إعطاء القيمة بدون ملل واستمرار الطفل في ممارسة الاطلاع بلا إحباط وبدون إجبار
رابعا: اقتناع الطفل أن الكتاب لا يمكن تعويضه بفيلم أو رحلة ترفيهيه، ولا يمكن استبداله بالتعليم المدرسي أو الدورات التدريبية في الصيف.
خامسا: عليك مراعاة أن ليس كل طفل يشبه الآخر في قبول روتين القراءة، فقد تكون ابنتك الأولى هادئة تميل لقارئة الكتب لفترات طويلة منذ سن الخامسة، لكن ابنك الثاني قد بلغ السابعة وهو بالكاد يقرأ فيجب ان تراعي الفروق الفردية بين ابنائك.
سادسا : مراعاه تقسيم ابنائك عند القراء حيث من الطبيعي ان الطفل القارئ تبعده عن الطفل كثير الحركة والاكتشاف.
معايير اختيار كتب الأطفال :
يعتمد اختيار كتب الأطفال على عدة معايير مهمة تخص شكله وطرق العرض فيه، وهي:
١- الغلاف
يجب أن يكون تصميم الغلاف جميلا ومرتبطا بالمحتوى وملفتا لنظر الطفل، فإذا لم يتلفت طفلك للغلاف فلن يقرأ هذا الكتاب، وكذلك يستحسن أن تكون جودة الغلاف ممتازة لأن الأطفال أسرع إتلافا للأرواق. ويحبذ تغليفك الكتب ذات الأغلفة الضعيفة لتدوم لفترة طويلة.
٢-الحجم
يلائم وزن الكتاب الطفل فلا يكون ثقيلا أو كبيرا جدا وإن كان ممتعا، فنحن نحتاج لكتاب يمكن حمله في كل مكان فليس المطلوب معجم أو قاموس كلمات بل كتاب يقرأه، ومهم جدا أن يكون عدد الورق ملائم لعمره فلا يكون صغيرا للغاية ينهيه في جلسة لا تتعدى ال 3دقائق.
٣- العرض :
يكون الكتاب سهل العرض واضح الحروف مرتب العناوين بشكل جذاب ومثير، يشجع الطفل على تصفحه ومعرفة محتواه، ويلائم العرض السن الموجه لها الكتاب، فحتى سن الرابعة يميل عقل الطفل لمعالجة الأشكال، لهذا يحبذ الطفل رؤية الصور المعبرة عن الكلمات أكثر من النصوص نفسها.
٤- القيمة :
وتشمل قيمة النص وملائمته فكريا لعقل الطفل ومقنعا له فلا يوصله لفكرة الاستخفاف بما يقرأه، وتكون هذه القيمة ملائمة للسعر خصوصا لو كان الطفل مدركا لقيمة المال، فلا نشتري كتابا لمجرد ارتفاع سعره وجودة أرواقه دون التأكد مما يتضمنه. وكذلك يجب أن يكون هادفا سواء كان ذا قيما تربوية أو علمية؛ حتى لو كان ترفيهيا فيجب أن يحمل قيما وفوائد ويخلو من المفاهيم الخاطئة أو الأفكار العنيفة.
خطوات قبل اختيار كتب الأطفال :
تحتاج تجربة اختيار كتب الأطفال الأولى لعدة اختبارات لمعرفة مستوى الطفل بشكل دقيق، فليس الموضوع سهلا كما توحي به محتويات القصص والمنشورات التجارية كونها ترتكز في الأساس على الربح قبل الفائدة. لذلك يجب أن تعرفي طفلك جيدا قبل اصطحابه للمكتبة في المرة الأولى.
١- قيمي مستوى القراءة عنده
وهذا المقصود بمدى تعليمك له واهتمامك بنطقه الصحيح ومساعدته على التهجي، وكذلك تأثير مهارات المعلمة عليه، إذا كان الطفل في سن المدرسة. ومنها ستعرفين حجم الكتاب الملائم لطفلك ومستوى العرض الملائم (حجم الخط – وضوح الكلمات – بروز العناوين – تنوع ألوان الطباعة – الصور الملونة.. إلخ.)
٢- قيمي مستوى فهمه
تحتاجين قبل اختيار كتب الأطفال الملائمة أن تعرفين جيدا مستوى فهم طفلك وإدراكه لما سيشتريه، فلو أقدم الطفل على شراء كتاب لم يفهمه فلن يستفيد منه، وسيقوم برميه وعدم العودة له مجددا. فالطفل في سنينه الأولى يقرأ لتعلم القراءة نفسها كما ذكرنا وليس لاكتساب المعرفة ويستمر ذلك حتى بلوغه الثمان سنوات في المستوى الطبيعي، لكن قد تجدين طفلا أسرع في التعلم ويقرأ لغرض المعرفة بعدما أتقن القراءة تماما.
٣- قيمي مهارة طفلك
إن لم تكوني من الأمهات اللاتي علمن أطفالهن القراءة مبكرا فستعينك هذه الخطوة على معرفة مستوى طفلك الحالي في القراءة، وهذا لا علاقة له بالسن؛ بل بعوامل تعود لمدى تدريبك له على النطق منذ صغره، أو مهارة معلمة اللغة العربية.
وتحتاجين لمعرفة مستواه اختبار أداءه لثلاثة جوانب مختلفة هي: الدقة والسرعة والطلاقة.
٤-دقة القراءة
تعني قدرة الطفل على قراء كل الكلمات في الكتاب بشكل صحيح. فالدقة مقياس لمدى غرابه الكلمات عليه وبالتالي صعوبتها، ومن خلال هذه الخطوة ستستشفين مقدار ثقافة طفلك من خلال كمية مخزون كلماته.
٥- معدل سرعة القراءة
فهو مقدار الوقت الذي يستغرقه الطفل لقراءة القصة بشكل كامل. ومبدئيا ستقومين بقياس معدل سرعته لقراءة مقطع أو صفحة.
٦- الطلاقة
والطلاقة هي الدقة والسرعة معا، أي أن طفلك يقوم بالقراءة بشكل سليم مسترسل دون الحاجة للوقوف كثيرا، مع فهمه لما يقرأه.
٧-فكري فيما يثير اهتمام طفلك أو ما يواكب عصره
يرتبط الميول بالفهم، فأنت ستعرفين ما يستوعبه أكثر من رغباته، فقد يكون كتاب عن السيارات ذا قيمة عالية عنده أكثر من كتاب طبي، كونه يميل للأول ولا يحب الثاني. كذلك قد يكون من الجيد اختيار كتاب عن كأس العالم كونه حدث جار في هذه الفترة.
٨-قيمي قدرته على النقاش شجعي الطفل على إبداء رأيه
وقومي بإثارة نقطة ما في الكتاب ومناقشتها معه، كذلك أضيفي من معلوماتك الخاصة عن موضوع الكتاب أو جزئية فيه، وحاولي دعم ما قرأه بفيلم أو صور لأن الطفل يتعلم أكثر كلما تفاعل عدد أكبر من حواسه مع موضوع التعلم، وكلما تعلم زاد اهتمامه.
كيف يمكنك العثور على الكتاب المناسب لطفلك؟
اختاري الكتب الملائمة وأعني هنا أن تتوجهي لرف الكتب المقدمة لسنه كما هو مكتوب على اللائحة أو الكتب نفسها، فإن لم تجدي الفئة العمرية فتصفحي الكتاب حينها. وكلما زادت الصور وقلت الكلمات كان هذا الكتاب للأطفال الصغار سنا، ويفضل اختيار كتب الأطفال التي تحوي صورا على التي لا تحوي صورا بالمرة. كما يمكن البحث عن كتب تعالج بعض المشكلات الحياتية؛ في حال كان الأطفال يواجهون تجارب جديدة كالطلاق أو الموت أو ولادة طفل جديد.
خطوات عملية تساعدك على اختيار كتب الأطفال الصحيحة :
اولا: طريقة عد الكلمات الصعبة:
دعيه يفتح الكتاب على أي صفحة ويقرأ بصوت عالي. ثم قومي بعد الكلمات التي لا يعرفها. فكلمة واحدة أو اثنتين يعني أن الكتاب جيد، إذا كانت ثلاث كلمات فإن ذلك يعني أنه سيحتاج لمساعدتك عند قراءته. إذا كانت أربع كلمات أو خمس وقد بدأ يفكر ويتنفس بصمت وبدا أنه يشعر بالملل، فمعنى ذلك أن الكتاب صعب عليه.
ثانيا: أطلبي من طفلك أن يقول الفكرة التي فهمها من الصفحة التي قرأها، فإذا شعرت أنه يفهم ما قرأ فذلك الكتاب مناسب له، أما لو كان قد أدرك فكرة الكتاب فلا داعي من شراء الكتاب وقتها لأن فضوله حينها اتجاه الكتاب قد انتهى.
ثالثا: اختيار كتب الأطفال بما يلائم كل فئة عمرية لكل فئة عمرية متطلباتها وميولها، ويحتاج كل طفل لطريقة عرض مختلفة قليلا عن المرحلة التي تسبقها، وليس فقط بهدف استيعاب الطفل، بل كذلك ليشعر الطفل أنه كبر وزاد استيعابه وتجددت أساليب مخاطبته وهذا يحفزه على التطور أكثر.
مراحل العمرية وما يناسبها من القراء:
هنا سأذكر 4 مراحل عمرية وما يناسبها، لكن علينا التذكير مجددا أن هذه مراحل عامة قد يكون طفلك أعلى منها فلا تحتجزيه وفق ترشيحات عمره. أو يكون أضعف وحينها من المهم جدا أن تساعديه على التحسين من مستواه.
المرحلة الاولي : ( الولادة- سنتين):
اختيار كتب الأطفال من لحظة الولادة لسن عامين وربما يرى البعض أن الأطفال قبل السنة صغار وغير مدركين، لكن نحن نقول إن الأطباء ينصحون الأم بالقيام بقراءة القصص لطفلها منذ تكون حاسة السمع عنده في رحمها، فقد ثبت أن سماع الطفل لصوت أمه يظل مرتبطا نفسيا به، ويساعد أداءه الذهني مستقبلا، فالطفل عامة يستجيب للأصوات الصادرة من أمه، ويتأثر بحالتها النفسية وقت الحمل به. وفي بداية هذه المرحلة تكون الرؤية للرضع غير مكتملة بشكل كامل، لا يرون بوضوح عن بعد 30سم، لذا يجب مراعاة أن تكون ألوان والرسوم المستخدمة في الكتاب زاهية جدا ومتناقضة، ويمكن استخدام الكتب ذا اللونين الأسود والأبيض لشدة تناقضهما. وتمتاز كتب هذه المرحلة بأنها قصص وأشعار وأناشيد ذات كلمات وصور قليلة ومتفرقة، والتي تحيط بها مساحة بيضاء كبيرة تفصلها عن بعضها البعض، لأن ذلك يساعد الرضيع على معالجة البيانات ويحسن التركيز لديه، ويفضل أن تكون الكتب سهلة الحمل لتستطيعي حملها بيد أثناء حملك الطفل بالأخرى، كما يستحسن أن تكون دائرية الحواف ومصنوعة من الفوم أو ورق سميك أو قماش حتى لا تجرح الطفل، ولا يتعرض لبلع أجزاء منها لو قام بمضغها في غيابك. وفي مرحلة بدأ الكلام يتم اختيار كتب الأطفال التي تحوي معلومات بسيطة، وتدور قصصها عن حياتهم وحول مفردات في محيطهم؛ كأفراد العائلة والأدوات منزلية والحيوانات الأليفة والخيال، والقصص المضحكة لتنمية حس الفكاهة لديه. ومن الأفضل أن تحتوي القصص على أجزاء تفاعلية ملموسة ومسموعة كالموسيقى والقماش والمرايا والأزرار وقطع توضع في فراغات توجد في الكتاب نفسه.
المرحلة الثانية : من (٣-٤) سنوات:
اختيار كتب الأطفال من سن 3-4 سنوات في هذه المرحلة يكون الطفل كثير التعلم والحركة، لذا يحتاج للفت انتباهه وإلى سماع كلمات متكررة وأناشيد تطربه، كما يحتاج لكتب تحتوي على أفكار علمية بسيطة تساعده على اكتشاف عالمه، ككتب تتكلم عن الماء أو استخدامات اليد والتي تعالج المشاعر كالخوف والحزن. وفي هذه المرحلة سيحب الطفل بعض الكتب الواقعية عن المهن والطقس والسيارات وأدوات البناء، ويستحسن أن تكون من النوعية التي يمكن إنهاؤها في 5 دقائق، تمتاز بأنها قليلة الكلمات مع صور تغطي الصفحات، أو صورا تروي القصة كاملة، ويفضل تجنب الكتب التي تعرض الصور العنيفة أو صور السلوكيات الخاطئة التي لا تريدين طفلك أن يتصرف مثلها، حتى لو كنت ترشدينه بأنها تصرفات غير صائبة؛ فالطفل في هذا السن لا يفهم النهي! ويبدأ استخدام الكتب الورقية من هذه المرحلة، وما يميز الكتب فيها أنها تدور حول بدء تعليم بعض المفاهيم البسيطة؛ فيكون فيها اختيار كتب الأطفال الخاصة بتعليم المفردات والحروف والسلوكيات البسيطة. ولجعل هذه المرحلة أكثر متعة وفائدة ابدئي بطلب رأي أطفالك حول الأحداث وأطلبي منهم توقع الأحداث التالية وملخص لما فهموه.
المرحلة الثالثة: من (٥-٦) سنوات:
اختيار كتب الأطفال لمرحلة ما قبل المدرسة مباشرة ومرحلة الدراسة المبكرة من 5-6 سنوات في هذه المرحلة يكون الطفل قد كون ذخيرة لغوية كبيرة، وقد بدء يفهم بعض الحقائق المهمة حول الحياة. لذا تتسم كتب وقصص هذه المرحلة بأنها أكثر تعقيدا وإن كان يمكن إنهاءها في جلسة واحدة، وكذلك يفضل أن تكون القصص فيها عن الحركة والمغامرات وحل المشكلات التي تواجهه بشكل بسيط، واختيار القصص التي تتحدث عن المدرسة والتعرف إلى الأصدقاء واللعب معهم، وكذلك أي كتب تحث على الآداب العامة والروتين اليومي في المنزل، وكتب السلوكيات الجماعية والمشاركة واحترام الآخرين، والتعريف بالمجتمعات والثقافات المختلفة. لا غنى في هذه المرحلة أيضا عن الصور الجذابة، ولذا سينجذب الطفل لكتب العلوم البسيطة والتجارب الحية التي يمكن تنفيذها، والقصص التي تحكي قيما أخلاقية كالشجاعة والصدق، على أن تكون قصص ما قبل النوم غير مخيفة ولا غامضة وذات نهايات سعيدة لمساعدته على النوم. وإذا اختار طفلك في هذه المرحلة التمسك برأيه في اختيار قصة حول شخصيته المفضلة؛ وهي غير مناسبة من حيث الحجم أو المعلومات، فيمكنك تصفحها معه والتحدث عن الصور الموجودة فقط. وفي هذه المرحلة تكون الأسئلة المطروحة منك عن مناقشة المعلومات، وتكون الأسئلة مفتوحة أكثر لا تعتمد على الإجابة بلا أو نعم فقط.
المرحلة الرابعة: من (٧-٩) سنوات:
اختيار كتب الأطفال لسن المدرسة من 7 ل 9 سنوات يصبح الطفل في هذه المرحلة ذو شخصية مستقلة وقادر على الاختيار بنفسه، وقد أصبح قادرا على القراءة بشكل مستقل، لذا اختاري له الكتب ذات المعلومات المركزة والقصص ذات الكلمات المألوفة حتى لا يستعين كثيرا بك، كذلك تحبذ القصص المتضمنة الحركة والأحداث المتتابعة، وكتب الألغاز والتحقيقات، والكتب والقصص التي تحوي سردا تاريخيا واقعيا بشكل روائي ممتع.
بينما أطفال الصف الثالث يمكن أن يقرؤوا كتبا أكثر تعقيدا وحبكات أكثر مع تواجد كلمات غير مألوفة. في هذه المرحلة سيقل التركيز على حجم الصور والألوان المبهجة، ولكن هذا لا يعني إلغاءها بل ستكون بالضرورة مهمة وتعبيرية ودقيقة في وصف المعلومات، حيث سيكون الطفل قادرا في هذه السن على المناقشة والانتقاد والتلخيص وتدعيم رأيه بأشياء خارجية، وكذلك يمكنه عمل نشاط بحثي خارجي، كأن تطلبي منه أن يقوم بالتوسع حول معلومة في الكتاب والتحدث عنها، والأمر لم يعد مستحيلا في وقتنا الحالي، حيث ستعلمين طفلك في ذات الوقت أن يقوم باستغلال التكنولوجيا في البحث العلمي، كما يمكن أن يشجع البحث عن المعلومات الاطلاع على كتب أخرى.
المرحلة الخامسة: من (١٠-١٣):
اختيار كتب الأطفال البالغين من 10 ل 13 سنة في هذه الفترة سيحتمل الطفل قراءة كتب من عدة فصول، وتتم قراءتها على جلسات متعددة، وسيهتم بالموضوعات التي تثير النقاش أكثر من كتب الحقائق. ويمكن فيها اختيار كتب الأطفال التي تدور حول قضايا مختلف عليها اجتماعية كانت أو علمية، كما يمكنهم قراءة الأعمال الأدبية الجادة كالسير الذاتية التاريخية المكتوبة بشكل واقعي مباشر، وكتب معالجة المشكلات اليومية وتعليم المهارات كالنجارة والنحت، وتصبح الكتب في هذه المرحلة أقرب لكتب البالغين، كما يمكن اختيار الكتب التي تعالج مرحلة النمو التي يمرون بها.
أسباب ترك طفلك يختار كتابه بنفسه:
أدرك أن الأمهات يقلقن كثيرا على الأبناء ولذلك يكن حريصات أكثر من اللازم في مسألة الحماية، والحماية الفكرية مهمة في هذا الزمن المفتوح، لكن الأهم من الاهتمام بسد كل منافذ الضرر؛ هو توجيه الطفل وتعليمه الصواب من الخطأ، فلن يكفيك اليوم كله لتتبعه ومراقبة ما يراه ويسمعه. ولذا سأعطيك خمسة أسباب لتدعي لطفلك القرار في اختيار ما يريد قراءته، وستكون بمثابة التوجيه منك والتحفيز له. ولكن هذه الأسباب للأطفال في سن المدرسة (الفئة العمرية الأعلى من 6سنوات). عندما تتركينه يختار بمفرده فإنه:
اولا: سوف يخاطر :
فالطفل عندما يختار لوحده سيتشجع لتجربة شيء خارج المطلوب منه، ويتحرر قليلا من رقابتك، بل سيدهشك إبداعه في الاختيار وقد يفتح أفقًا وأفكارا غفلتي عنها، لذا حددي له عددا معينا من الكتب المسموح له بشرائها وسيكون التحدي أفضل لو حددتِ ميزانية كذلك واتركيه ينطلق.
ثانيا: سوف يقرأ المزيد :
فالطفل حين يختار كتابه بنفسه يشعر بفضول أكبر لقراءته، ويميل أكثر لاكتشاف خياراته، ولأننا قلنا في النقطة السابقة أنه تحرر من اختياراتك فبالضرورة ستكون اختياراته هنا ليست بمستوى رغباتك ولا أهدافك، لكن لا بأس فالطفل في سني حياته الأولى يقرأ ليتقن القراءة فكوني مرنة قبل رفضك لما اختاره.
ثالثا: يصبح كاتبا أفضل :
الطفل عندما يقرأ سيكتب، فالعقل عندما يمتلئ بالأفكار الكثيرة الملهمة والجديدة سيرغب بصياغتها بنفسه. فإذا لم يكتبها قد ينشرها على اليوتيوب أو صفحته على موقع التواصل أو حتى في مجلة المدرسة، فكل الهدف هنا طفل مثقف قارئ. وستنعكس قراءته في النهاية على مستوى الكتابة الإنشائية عامة.
رابعا: يستمتع بالقراءة :
كما قلنا سابقا سيشعر بتدفق المعلومات الجديدة، والرغبة في مشاركتها والسعي لنشرها ومناقشتها. وهذه متعة كبيرة تشجع على الاستمرار فإذا لم يكن طفلك ضمن مجموعة أو أخوة فشاركيه في النقاشات بنفسك ليستمر في الاطلاع. وذلك سيعزز ويطور قدرته على التعبير والتحدث.
خامسا: يعطيهم تفويضا :
ترك أمر اختيار كتب الأطفال لأنفسهم يفوضهم، أي يعطيهم المساحة والحرية للشعور بحرية اختياراتهم، فيشعرون بثقتك إزاء قراراتهم، وهذه الثقة تحثهم على الشعور بالمسؤولية اتجاه ما يختارونه. ولن تتمنين أنت أكثر من طفل واثق يشعر بالمسؤولية، فالقراءة وسيلة مهذبة مربية بكل خطواتها ولا تكسب الطفل أي سلوك مشين إذا أحسنا اختيار ما يقرأ.
أسئلة شائعة حول اختيار كتب الأطفال
ماذا لو أراد طفلي اختيار كتب الأطفال الصعبة جدا أو السهلة جدا؟
لو كان طفلك في طور تعلم القراءة أي أقل من 8 سنوات، فشجعيه على القراءة مهما كانت لأن غرضه تعلمها، فلو كانت الكتب صعبة عليه فشاركيه قراءتها بصوت عال مع التصحيح وشرح الصور والمفاهيم العامة فيها، أما لو كان الكتاب بسيطا فدعيه يشاركه مع أخيه الأصغر أو مع أي طفل أصغر منه بغرض أخذه دور المرشد. ولا عيب من قراءته كتابا ليس في مستواه إن كان في مجال يحبه، ذلك أن التنوع في القراءة مطلوب.
طفلي يقرأ بصعوبة أو لا يفهم ما يقرأه؟
تدخلك مبكرا لتصحيح مشكلات القراءة أمرا مهما، والتدريب الخاص بالدقة والسرعة والطلاقة خطوا أساسية ومهمة لتحددي بها مستوى طفلك وتعرفي ما الذي يحتاجه لتحسين أداءه، فالتدخل المبكر هو الحل بغض النظر عن سنه أو صفه. والاحتياج لمساعدة في رفع مستواه ليس عيبا بل ضرورة. من المهم أن تكوني على دراية بمستوى قراءة طفلك لأنه إذا تم اكتشاف المشكلة مبكرًا يمكن معالجتها من خلال المختصين. لأنه ليس من السليم أن تصبح ممارسة القراءة أمرا مرهقا وشاقا، فذلك سيعقه اجتماعيا وعلميا.
ماذا لو ظل طفلي يقرأ في مجالات محددة؟
في البدء علينا إدراك ميول الطفل في إشباع رغبته المعرفية حول ما يحب، ولا يستحسن إجباره على المجالات الأخرى بل تركه يستمتع ليحب القراءة ويعتبرها عادة، ثم بعدها قومي بإعطائه الكتب التي تريدين بالتدريج على أن تكون جذابة وسهلة مقارنة بما يقرأه لمجالاته المفضلة، بغرض تعريفه بالمجال للفت نظره إليه.
كيف أعلم طفلي حب الكتب؟
سيزداد حبه للكتب عندما يصبح مشوار الذهاب للمكتبة أمرا روتينيا، فكلما زادت زيارتكما للمكتبة زاد حبه للكتب، وكلما زاد عدد الكتب في المنزل زادت فرصة قراءته للكتب ورغب بعمل مكتبته الخاصة ومال لتخصيص أموالا للكتب.
كيف أعلم طفلي الحفاظ على الكتب واحترامها؟
أصنعي أو اشتري علامة ليضعها على الصفحة التي يقف عندها، علميه أن يضع ورق ملاحظات في هامش الصفحات ليكتب ملاحظاته، ولا يكتب أبدا على الكتاب أو يقوم بثني أوراقه ، أن يضعه في مكان محدد : وحبذا لو جهزتِ في غرفته ركنا خاصا بالكتب أو مكتبة صغيرة.
حاولت هنا سرد خلاصة خبرتي الشخصية من تجارب قمت بها مع الأطفال ذوي الإعاقة بشكل فردي وجماعي لتحبيبهم بالقراءة والكتب والقصص ، إضافة لمصادر خارجية كثيرة.
وهنا جاء السؤال الهام:
ما هو الكتاب الذي تختارينه لطفلك ؟
أن الكتاب الجيد الذي تختارينه لطفلك :
– هو الكتاب الذي لا يكون سهلا للغاية فينهيه سريعا ويفقد احترامه للقراءة والكتب، ولا الصعب الذي يمله فيسبب له الإحباط وينفره في القراءة
– وهو الكتاب المثير الذي يعوض عن اللعب وعن الجد ويقدم المتعة مع التعليم، وينشط أفكاره ويحسن معارفه ويعزز ثقته بنفسه
– وهو الكتاب الذي يستطيع الطفل فهمه والاندماج معه.
ومسألة القراءة ……..مسألة شائكة أدرك أن خاتمة نجاحها تستدعي تكاتف المدرسة مع الأهل للحصول على نتائج أفضل، وذلك حتى لا تزداد عزلة الطفل بممارسته مهارة لا يمارسها أقرانه، ولا يتعامل معها المجتمع كمهارة ضرورية لكل فرد؛ بل أداة للدراسة بغرض النجاح للعمل مستقبلا. فخطوة اختيار كتب الأطفال ما هي إلا بداية لا هدفا، ليس غرضها تعليم الطفل القراءة وتعويده عليها كروتين يفيد ويوعي ويثقف فحسب؛ بل تشكل القراءة الجيدة شخصية الطفل وسلوكياته وتكسبه القدرة على التخاطب والمناقشة والاطلاع على أراء جديدة مخالفة، ومشاركة الأفكار والتواصل مع الناس بشكل حيادي وعقلاني، بدون اللجوء لفرض الرأي والسباب والشتائم التي تصادفنا في كل مكان في مجتمعاتنا الحقيقية والافتراضية.
عندما يتعلق الأمر باختيار كتب جيدة، بغض النظر عن عمر طفلك:
اختاري الكتب التي ستستمتعين بها أنت وطفلك! فغالبًا يحب الأطفال سماع القصة نفسها مرارًا. وغالبًا ما يصبح الذين يحبون قراءة الكتب المشتركة قرّاء دائمين مدى الحياة يجعلون الكتب الجيدة جزءًا من حياتهم.